تحليل: ماهي السيناريوهات التي تنتظر العراق مع اتساع التظاهرات؟
دخل العراق مرحلة صعبة، مع استمرار التظاهرات في الشارع، واتساع رقعة الحراك، وانضمام مناطق جديدة، بما يؤشر على تغيرات في خريطة البنية السياسية، بفعل عجز الحكومة والأحزاب السياسية -خاصة الموالية لإيران- عن السيطرة على الأمور، مع إحراق غالبية مقرات الأحزاب والفصائل المسلحة الموالية والقريبة من الحرس الثوري الإيراني. وقد احتشد مئات المتظاهرين، السبت 26 أكتوبر، في ساحة التحرير وسط بغداد؛ ما دفع قوات الأمن لاستخدام القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم، وذلك قبيل ساعات من انعقاد جلسة برلمانية لبحث مطالبهم. وشهد العراق الجمعة 25 أكتوبر تظاهرات واسعة؛ ما أدى إلى مقتل 42 شخصًا، وإصابة المئات، وفقًا لتقديرات حقوقية عراقية. ومن جانبها، قالت وزارة الداخلية: إن القوات الأمنية تعرضت لعدد كبير من الإصابات في صفوفها؛ بسبب استغلال البعض للتظاهرات، وتوعدت بالضرب بيد من حديد لكل من يعتدي على الممتلكات العامة للدولة ومرافقها. فيما خرجت قيادة العمليات المشتركة في البلاد عن صمتها، وقالت: إن هناك من استغل التظاهرات التي خرجت للمطالبة بحقوق كفلها الدستور العراقي، وعمل على قتل وإصابة المواطنين، وعلى حرق ممتلكات عامة وخاصة بعد نهبها. وأشارت في بيان رسمي صادر عنها، إلى أن القوات الأمنية بجميع قطاعاتها ستتعامل مع من وصفتهم بـ«المخربين المجرمين» بحزم وفقًا لقانون مكافحة الإرهاب، منوّهة إلى أن هذه التصرفات غير القانونية، جريمة يجب التعامل الفوري معها بشكل ميداني وعاجل، كما حذّرت من العبث بأمن المواطنين. ومن جانبه، أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان خلال التظاهرات، وقال خلال لقاء مع صحفيين في ساعة متأخرة من ليلة الجمعة: «نأسف للعدد الكبير من القتلى». الأبرز في تاريخ العراق يقول فراس إلياس، الباحث المختص في شؤون الأمن القومي والدراسات الإيرانية: إن المظاهرات الأخيرة التي اجتاحت الشارع العراقي، شكلت أحد أبرز الأحداث دموية في تاريخ العراق المعاصر، وتحظى بأهمية كبيرة، كونها نابعة من رحم معاناة الشعب الذي عانى الفقر والحرمان على مدى 16 عامًا، فهي حلقة جديدة من حلقات الأزمة التي يمر بها النظام السياسي في العراق، الذي لم يتمكن من تقديم جديد يُذكر خلال السنوات الماضية، وهو ما يعكس حجم الأزمة السياسية. وأضاف “أن حالة التعبئة الجماهيرية التي تمخضت عنها تلك المظاهرات، شكلت ضربة كبيرة للأحزاب السياسية الشيعية، التي كانت حتى وقت قريب تتفاخر بسيطرتها على الشارع؛ ما شكل مفاجأة غير متوقعة للكثير منها؛ خصوصًا أن هذه المظاهرات خرجت من صلب المدن والمناطق الفقيرة التي تنتشر فيها هذه الأحزاب؛ ما قد يجعلها أمام استحقاقات كبيرة في الأيام القليلة القادمة.” وقال الباحث في الدراسات الإيرانية: إن العراق يشهد اليوم منعطفًا تاريخيًّا كبيرًا، لما قد ينتج عن هذه المظاهرات من استحقاقات سياسية وأمنية، أهمها أنها أعطت لإيران صورة واضحة لحجمها السلبي في بالعراق، إذ لم تخرج هذه المظاهرات من أجل المطالبة بتحسين واقع الخدمات والظروف الاقتصادية والاجتماعية فقط، وإنما خرجت من أجل استعادة وطن مسلوب، وسيادة مرتهنة من قبل إيران، وهذا ما قد يجعل إيران هي الأخرى أمام مشهد إقليمي معقد جدًّا، في حالة ما إذا نجحت هذه المظاهرات في تحقيق الأهداف التي خرجت من أجلها. 3 سيناريوهات ومن جانبه، يرى الخبير في الشؤون الايرانية، محمود جابر لـ«المرجع» أن هناك ثلاث سيناريوهات للتظاهرات العراقية في ظل تصاعد واتساع رقعة الحراك في الشارع العراقي، الأول: هو إقالة حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي أو استقالتها، وهذا أمر أصبح مستبعدًا بعد خطاب المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني، في صلاة الجمعة. أما السيناريو الثاني: فهو لعب التيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر، دورًا في السيطرة على الحراك الشعبي، ومن ثم السيطرة على القرار السياسي، وتشكيل حكومة عراقية جديدة، وهذا السيناريو وارد في ظل ذكاء الصدري في التعامل مع الحراك العراقي. أما أخطر السيناريوهات وهو الثالث من وجهة نظر الخبير في الشؤون الإيرانية: سقوط النظام السياسي في العراق بأكمله؛ ما يؤدي إلى انفلات الأمور، ودخول العراق نفقًا مظلمًا. لحج